قصة ريحان .. كيف أؤسس مشروعي الصغير
قد تكون شريحة رواد الأعمال الذين يعملون على مشاريع مرتبطة بالتكنولوجيا قد جذبتني لسنوات، خصوصاً بسبب خلفيتي الدراسية وبعض محاولاتي المشابهة، ولطبيعة الوظائف التي قد شغلتها؛ ولكن في عام 2013 وجدت نفسي بالصدفة أمام شريحة رواد أعمال مختلفة قليلاً والحقيقة أن أفكار مشاريعها أقل جذباً.. ولكن بعد العمل معهم وجدت نفسي أمام تجربة تستحق العناء.
فهنا نجاح المشروع يعني أساسيات أسرة: مأوى أفضل, غذاء, وكساء….
بداية القصة حين طلبت مني إحدى الجمعيات المحلية في دمشق المشاركة في تدريب بعض السيدات من الأسر المتضررة على بعض مفاهيم تأسيس المشاريع الصغيرة. المجموعة كانت مؤلفة من سيدات تضررت أسرهم من الحرب وفقدوا تقريباً كل شيء، والآن هم بحاجة للاعتماد على أنفسهم للحصول على رزقهم ورزق أسرهم عبر تأسيس مشاريع عمل مهنية.
لم أتخيل حينها أن تحضير مادة علمية لمجموعة كهذه سيحمل تحدٍ من أي نوع، خصوصاً أنهم من الفئات الأقل تعلماً والمفروض أن تكون المادة المُقدمة بسيطة وسهلة. في الحقيقة كان التحدي في البساطة.. لم أتخيل أبداً أن تبسيط مادة علمية أتقنها ولدي خبرة جيدة فيها سيكون بهذه الصعوبة. لاحقاً علمت بأن الكثير غيري من الاستشاريين يواجهون هذا التحدي مع هذه الشريحة.
للاختصار: قمت بتصميم المادة المطلوبة وتجربتها على أول مجموعة (حوالي 100 سيدة) وكانت النتائج ممتازة والحمد لله، بعدها قمت بتصميم حقائب أخرى وتجربتها على مجموعات أخرى.. وبعد هذه التجربة لمعت فكرة العمل على منهاج متكامل عن المشاريع الصغيرة موجه للفئات الأقل تعلماً لأستخدمه كلما طلب مني أحد المساعدة في تحضير مثل هذه البرامج.
ولكن بسبب التزامي بعقد طويل مع إحدى شركات الاتصالات لم أستطع العمل على المنهاج حتى منتصف عام 2015. هنا طُلب مني مجدداً تصميم مادة تدريبية لمجموعة جديدة من المستفيدين لإحدى جمعيات دمشق التي تساعد المتضررين. وكانت فرصة جديدة دفعتني مجدداً للعمل مع هذه الشرائح. وبعد تصميم هذه الحقيبة وتقديمها في حوالي 96 ساعة تدريب.. عزمت على تصميم المنهاج لأنني علمت مجدداً أن المشكلة مازالت قائمة عند العديد من الجمعيات والمؤسسات الغير ربحية التي تقدم هذا النوع من البرامج لأصحاب المهن: لا يوجد مادة تدريبية مرضية وتناسب شرائح السوريين حتى الآن.
خلال فترة 5-6 أشهر (النصف الثاني من 2015) كنت متفرغاً تقريباً للعمل على المنهاج الجديد، إجرائية العمل كانت معقدة وتضمنت دراسة وقراءة العديد من النماذج العالمية المتوفرة حتى لا أعيد اختراع العجلة، تجريب العديد من الطرق التدريبية، مقابلة خبراء وعرض مسودات المنهاج لأخذ مشورتهم، اجتماعات عصف ذهني مع شباب من جمعيات ومؤسسات على تماس مباشر مع شرائح المتضررين المختلفة، وأخيراً تجربة النسخة النهائية على مجموعة صعبة جداً من متضررين المسجلين لدى أحدى المنظمات الغير ربحية في دمشق….. ثم إطلاق النسخة النهائية اليوم.
الحقيبة التدريبية لهذا النسخة (النسخة 0.1) تتضمن ملفات العروض التقديمية للجلسات، دليل التدريب، مواد تدريبية للطلاب، نماذج خطة العمل، قوالب للمساعدة وملفات ملحقة أخرى. وهي متوفرة للتحميل من خلال الموقع www.ryhaan.com الآن.
الحقيبة التدريبية لريحان 0.1 مجانية بالكامل، ولن تكون محصورة بأحد المؤسسات.. يمكن تحميلها من الموقع من قبل أي جمعية أو مؤسسة تقدم خدماتها لمجتمعاتها.
نعم اسم المنهاج ريحان.. فكلمة ريحان معروفة كاسم لنبات عطري لطيف في بلادنا، وفي العربية لها معنى جميل آخر وهو الرزق. وقد ذكر ذلك في كتاب الصحاح.
في المستقبل، لست متأكداً بعد إن كنت قادراً على الاستمرار في تطوير المنهاج مع وجود العشرات من الأفكار لدي لتطويره، فالعمل عليه يستنزف الكثير من الوقت.. ولكني أتمنى تنفيذ هذه الأفكار وسأحاول إن شاء الله.
حالياً أشعر أن ريحان قد يكون أفضل شيء قمت به خلال السنوات الخمس الأخيرة.. خصوصاً إن استُخدم من قبل أكبر قدر ممكن من الجمعيات والمؤسسات التي تقدم خدماتها لمجتمعاتها بهدف تنمية وتطوير هذه المجتمعات، وكقارئ لهذا التدوينة أتمنى منك أن تشاركه لمن حولك، عسى أن يصل لمن يستفيد منه، ويكون لك يد أيضاً في هذا العمل 🙂
أخيراً، قد تكون أعظم مكافئة أحصل عليها هي أن يقول لي رب أسرة أو ربة أسرة يوماً من الأيام أنهم حصلوا على تدريب ريحان، وساعدهم هذا التدريب في تأسيس مشروعهم الصغير الذي شكل مصدر رزقهم ورزق أسرهم.
في موقع ريحان www.ryhaan.com كل التفاصيل عن المشروع .. إن أعجبتكم الفكرة يمكنكم الاطلاع عليه بالتفصيل
ودمتم.