تعرّف على دوبارة: منصة سورية تدعم الرواد المغتربين
لا شك ان ملايين السوريين الذين اضطروا الى ترك بلدهم خلال السنتين ونصف الماضيتين، يواجهون مشاكل جمة في الحصول على الدعم الكافي لمتابعة حياتهم والهروب من جحيم الحرب. وبهدف حثّ رجال الأعمال السوريين الذين يديرون أعمالهم خارج سوريا على تقديم الدعم للمغتربين الذين يبحثون عن فرص عمل والرواد الذين يحتاجون الى التمويل، أطلق أحمد إدلبي شبكة “دوبارة” Dubarah من دبي، وهي عبارة عن موقع تشبيك يحث السوريين على مساعدة بعضهم البعض.
“بدأت الفكرة عندما كانت تردني العديد من الاتصالات من أصدقاء سوريين وصلوا حديثاً لدبي يطلبون مساعدتهم بالبحث عن عمل، وكنت أشعر بالضيق لأنني لا أستطيع مساعدتهم كلهم،” يقول إدلبي. ومن هنا يأتي مصطلح “دوبارة” السوري الذي يستخدم بهدف تلبية طلب شخص آخر بشهامة وكرم”دوبارة” مثلاً في عبارة “دوبارتك عندي”، بمعنى “اطمئن فحل مشكلتك عندي”.
لا تهدف الشبكة الى تلبية حاجات المغتربين السوريين اليومية فحسب، بل تشجع على الريادة عبر قسم سمّي “فرص الاستثمار” الذي يشكل طريقة للتشبيك بين رواد الأعمال وممولين محتملين سوريين. وفي هذا القسم يعرض من لديه فكرة أو فرصة استثمارية موضوعه ليجد ممول لها أو شريك سوري، كما يمكن أن يعرض الممولين طلباتهم وجهوزيتهم في تمويل بعض الأفكار. ويبدو ان المنصة تحمل امكانيات جيدة لا سيما مع عرض حوالي 323 فرصة تمويل و456 فرصة شراكة على الموقع.
ويتألف الموقع أيضاً من عدة أقسام أهمها فرص العمل حيث يعرض أصحاب العمل فرصاً مختلفة في البلدان التي يتواجدون فيها، والمبوبات الوظيفية حيث يقوم متطوعون يرغبون بالمساعدة ولكنهم ليسوا أصحاب عمل بعرض وظائف متوفرة كانوا قد سمعوا عنها.
أما دليل الغربتلي فهو أحدث الأقسام حيث يقوم فريق “دوبارة” وبالتعاون مع مجموعة من المغتربين السوريين بعرض خلاصة خبراتهم في بلدان محددة لتساعد هذه المعلومات المعروضة كل من يفكر في الانتقال والسفر لبلد جديد ويرغب بالحصول على بعض المعلومات الأساسية مثل ظروف السكن والمعيشة.
فريق الدوبرجية
ويتألف فريق “دوبارة” اليوم من مجموعة شباب سوريين متنوعي المهارات والأفكار، يجمعهم حبهم لتقديم المساعدة لباقي الشعب السوري. والعمل مقسم بينهم بحسب مهارات كل منهم، من إدارة الموقع ومتابعة الرسائل وطلبات المساعدة وتحديثات الشبكات الاجتماعية بالإضافة الى التقنيين الذين يطورون الموقع.
ويصف إدلبي فريق العمل بالرائع ويقول “بدأنا بفريق صغير جداً وتوسع تدريجياً ليصل حالياً الفريق الثابت الى 10 متطوعين، تدعمهم شبكة مؤلفة من 460 سوري ينتشرون في 32 دولة حول العالم، وهم يختلفون ويتنوعون في أفكارهم وعقائدهم ولكنهم يتوحدون في فكرة مساعدة كل سوري مهما كانت أفكاره ومعتقداته”.
وتشكل تكاليف الموقع والحاجة المتزايدة للتمويل أبرز التحديات لا سيما مع ازدياد شعبية الشبكة وبالتالي ازدياد عدد المسجلين والباحثين عن عمل والذي وصل عددهم الى 110,000 مُسجل ويقابله حوالي 7,300 وظيفة تم عرضها. وارتفاع أعداد مستخدمي المنصة تتطلب المزيد من الجهد والوقت من قبل فريق العمل الذي ما زال معظمه يعتمد على وظائفه الأساسية كمصدر أساسي للرزق ولا يتلقى من دوبارة أي أجر.
ولم يضع الفريق بعد أي نموذج عمل أو طريقة لتمكين المنصة من تمويل نفسها، سوى من خلال فتح باب التبرعات، بل هم يركزون الآن على مساعدة الأعضاء. ويحرص الفريق على أن تكون “دوبارة” لكل السوريين ولا تحتسب على طرف أو جهة معينة ما منعه من قبول أي من عروض التمويل العديدة التي تلقاها. “الحل الوحيد الذي قد نقدم عليه مستقبلاً هو فتح باب التبرع على الموقع أمام كل من يرغب بدعم هذه الفكرة بهدف تطوير خدماتنا وزيادة الكفاءة في خدمة السوريين،” يشرح ادلبي.
قصة الـ3000 معجب على فيسبوك
وخلال الساعة الأولى لإطلاق الموقع وفتح صفحة على “فيسبوك” وصل عدد المعجبين الى 3000 معجب بحسب قول إدلبي، في حين لم يتم استخدام أي طريقة أخرى للتسويق سوى دعوة الأصدقاء، واليوم، بعد ثمانية أشهر من اطلاق المنصة وصل عدد معجبي الصفحة الى حوالي 34,000 معجب.
وحتى الآن لم يستخدم فريق “دوبارة” سوى شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة تواصل لدعم الموقع، لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف إضافية في استخدام وسائل إعلانية مدفوعة أخرى.
وكجزء من جهود المبادرة في مساعدة الجالية السورية حول العالم، وبخاصة ان العديد من الشعوب العربية وجدت نفسها مضطرة الى الترحيب بالسوريين في بلادهم، أطلق إدلبي “حملة مليون شكراً” التي تتوجه الى كل البلدان التي تستضيف السوريين، وهي عبارة عن رسالة شكر موجهة من الشعب السوري للشعوب المُضيفة وحكوماتها. “بسبب انتشار بعض الأفكار والممارسات الخاطئة مع توزع السوريين في العديد من البلدان، ظهرت الحاجة لنشاط يوضح الصورة الصحيحة للسوريين، ويرمم أي خلل في نظرة المجتمعات المضيفة للجالية السورية،” يقول ادلبي.
وتقوم الحملة التي بدأت من تركيا على توزيع بطاقات شكر لمنظمات وشركات وعائلات تقدم العون للاجئين. وقد وزعت حتى الآن حوالي الـ100,000 بطاقة شكر في تركيا وحدها. ومن المقرر أن تغطي الحملة 32 بلد يستقبل السوريين و بـ7 لغات عالمية مختلفة.
وخلال نقاشي المطول مع إدلبي تطرقنا أيضاً الى بعض التحديات التي يلاحظها إدلبي من خلال تعامله مع رواد أعمال يحاولون اطلاق مشاريعهم خارج سوريا. وكانت أهمها ان هؤلاء الشباب لا يأخذون بعين الاعتبار اختلاف الأسوق عن السوق السورية ويطلقون أعمالهم بنفس نمط وأساليب العمل، ما كان سبباً جلياً في فشل العديد من التجارب.
فيتوجه إدلبي الى الرواد السوريين بالقول ان عادات الزبائن والمنافسة تختلف جدا من بلد الى آخر ويجب عدم المخاطرة مباشرة في تأسيس أعمال قبل فهم أكبر ودراسة معمقة للأسواق الجديدة.
تم نشر هذه المقالة على موقع ومضة على هذا الرابط